ماموش… بين الاستثمار المسؤول والتأويل المجحف

ماموش… بين الاستثمار المسؤول والتأويل المجحف

 

تابعت كما تابع كثيرون الحديث الدائر حول الكميات الكبيرة من سمك الكوربين التي اصطادتها السفينتان Turk Menler وTurk Yilmaz المملوكتان لرجل الأعمال التركي ماموش، والتي بلغت 123 طناً.
لكن ما يثير الاستغراب حقاً هو الإصرار المتكرر على ربط اسم ماموش بأي أزمة تتعلق بالكوربين في أسواق نواذيبو، وكأن الرجل وحده من يتحكم في مصير هذا النوع من الأسماك أو في أسعارها!

أولاً، من المهم التوضيح أن الكوربين سمك مهاجر، ولا أحد يخرج خصيصاً لصيده في مواسم معينة، بل يظهر بشكل طبيعي في مناطق مختلفة. والسلطات المختصة على دراية تامة بذلك، لذلك سنت قانوناً يلزم أي سفينة تصطاد هذا النوع بتسليم نصف الكمية للشركة الوطنية لتوزيع السمك (SNDP).
هذه الكميات توجهها الدولة إلى الفئات الضعيفة والمحتاجة، وتساهم في تخفيف العبء المالي عنها، مما يجعل هذا النشاط في حد ذاته رافداً اجتماعياً واقتصادياً مهماً.

ومن الظلم، والحال كذلك، أن يُزج باسم ماموش في كل مرة ترتفع فيها أصوات حول الكوربين أو أسعاره.
فالرجل أحد أكبر المستثمرين في قطاع الصيد ببلادنا، وتستفيد خزينة الدولة من استثماراته كما تستفيد من سواه من المستثمرين. لكن ما يميزه فعلاً هو أن سفنه مجهزة بنظام تبريد RSW الحديث، وهو ما يجعلها قادرة على الإبحار لمسافات أطول دون أن تتلف الكميات المصطادة وهي ميزة لا تتوفر حسب علمي إلا في سفن ماموش او سفن مجموعة بوغربال فقط.
أما معظم السفن الأخرى، فتظل قريبة من منطقة “الخشم” خوفاً من تلف حمولتها، وهو ما يفسر الفارق في الإنتاج والجودة.

ولعل ما يضيف نقطة مضيئة أخرى في مسيرة هذا المستثمر هو كونه المستثمر الأجنبي الوحيد الذي أمم اثنتين من سفنه، خطوة نادرة تعبّر عن ثقة متبادلة ورغبة حقيقية في الاندماج داخل المنظومة الاقتصادية الوطنية.

إن من أولى ركائز حماية الاستثمار أن نحافظ على ثقة المستثمرين، وأن نبتعد عن سياسة التأليب أو الاتهام المجاني التي قد تصدر عن حسن نية لكنها تترك آثاراً سلبية على صورة البلد.
فموريتانيا بحاجة إلى مناخ جاذب، لا إلى رسائل طاردة، وبحاجة إلى تشجيع من يغامرون برؤوس أموالهم في قطاعات حيوية كالصيد، لا إلى التشكيك فيهم كلما نجحوا أو تميزوا.
الإعلامي محمد سوله
نواذيب ميديا