التسول في نواذيب : بين الحاجة والتمثيل الحضري بقلم الإعلمي محمد سوله

التسول في نواذيب : بين الحاجة والتمثيل الحضري بقلم الإعلمي محمد سوله

في زوايا نواذيب ، حيث تتقاطع الأرصفة وتتشابك الحكايات، يقف المتسولون كوجوه مألوفة في مشهد حضري يتكرر كل صباح. قد يكونون رجلاً مسنًا، أو امرأة تحمل طفلًا نائمًا على ذراعيها، أو شابًا يعزف على آلة موسيقية متهالكة لجذب الانتباه.

ومهما تعددت الصور، يبقى السؤال حاضرًا: هل نحن أمام أزمة اجتماعية حقيقية أم انعكاس لعجز المنظومة الحضرية في عاصمتنا الاقتصادية عن استيعاب جميع أبنائها؟

تنتشر هذه الظاهرة في انحاء نواذيب  بشكل متسارع، حتى أصبحت  جزءًا من المشهد العام الذي يعتاد عليه المارة، لكنه في الوقت ذاته يشكل تحديًا كبيرًا للقيم الجمالية والتنظيمية لمدينة تسعى أن تكون منطقة جذب إستثماري .  التسول لا يؤثر فقط على المظهر الحضري، بل على الإحساس العام بالمدينة كمكان آمن ومنظم.

من زاوية إنسانية، قد يحمل كل متسول حكاية تستحق أن تُروى؛ فمنهم من أجبرته الظروف الاقتصادية القاسية على مدّ يده، وآخرون وجدوا في التسول خيارًا سهلاً للربح دون عمل. وهنا تظهر المفارقة: بين من يستجدي بدافع الحاجة، ومن يستجدي كحرفة لا تنتهي.

مدينة ليست محكمة لهؤلاء المتسولين ، ولا شوارعها ساحات للاتهام. لذلك، فإن معالجة الظاهرة تتطلب رؤية متعددة الأبعاد، تشمل تحسين البرامج الاجتماعية، وتوفير فرص التدريب والتشغيل، مع تنظيم الفضاء العام بطرق تحترم الكرامة ولا تهمّش الإنسان. فالقضية ليست فقط في إزالة المتسولين من الطرق، بل في البحث عن أسباب وجودهم هناك أصلاً.

وفي النهاية، تبقى المدينة مرآة لسكانها—فإن كانت وجوههم خائبة، كانت صورتها باهتة، وإن كانوا مزدهرين، أشرقت ملامحها بكل جمال.